الأحد، 6 أبريل 2008

محرقة منظومة الأمن الصهيونية

الكاتب : عامر سعد

لعل خطابات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وخطابات سماحة السيد حس نصر الله في الآونة الأخيرة - والتي كانت تخلص بأن مشروع العدو الصهيوني بات بانحسار مستمر وبأن الكيان الصهيوني بات مهددا في أمنه الداخلي وكون الصراع في الفهم الصهيوني تحول لصراع وجود - قد بدات تجد صداً في الشارع الاقليمي إن جاز التعبير ولم تعد توصف بأنها خطابات ديماغوجية " ناصرية " تخلو من مضامين حقيقية وهدفها التنظير الحزبي لا أكثر .

فسلسلة الانتكاسات الصهيونية وعلى كافة الاصعدة والجبهات وخاصة الامنية باتت جلية ومتكررة لدرجة لم يعد يستطيع عقل الشارع العربي - والذي تعرض لعمليات كي متكررة لوعيه - وسكيولوجيته التي إعتادت الانبطاح أمام النمر الصهيوني المزعوم وحتى الذين يقبعون في سدة الحكم ومواقع صنع القرار والذين تعودوا طأطأت الهامات والتسليم الكامل بهيمنة اسرائيل على المنطقة تصديق ما يحصل وأصبح الجميع يحاول البحث في ميتافيزيقيا الغيبيات عن قدرات مخيفة ومزعومة لدى العدو الصهيوني مازال يمتلكها , أو بترديد تجريدات خرافية كاذبة عن كون العدو يملك منظومة عسكرية و أمنية تعتبر من أقوى المنظومات على مستوى العالم لعلهم بذلك يبررون الهزائم ويجدون لأنفسهم مخرجا مقنعا لتقاعصهم وانبطاحهم السياسي والعسكري امام كيان اتضح انه هش ولا يقوى على حماية نفسه أمام مجاميع مسلحة وشبه قوات عسكرية .

أما الحقيقة فتأبى أن تظل طي الكتمان وارتأت بأن تصرخ اخيرا وبصوت مدو يسمعه القاصي والداني معلنة بأن المناعة المطلقة والدائمة للأمن الصهيوني ماهي سوى زيف وخرافة وأن هذه المنظومة باتت تتعرض لمحرقة رهيبة أتت على كل مقوماتها وهذا ما أكده مؤتمر هرتسيليا المتخصص في قياس المناعة الصهيونية وما أكدته ايضا الوقائع مستمرة الحدوث, فالسلسلة الطويلة من الانتكاسات الذي منيت بها تلك المنظومة والتي بدأت بحرب تموز وما كشفته من هشاشة الامن الداخلي في الجبهة الشمالية وحرب الايام الستة في غزة وعملية ديمونا والتي كشفت هشاشته ايضا في المنطقة الجنوبية وعملية القدس والتي كشفت هشاشته في العمق الإستراتيجي والحيوي للكيان ولتتوج أخيرا بعملية استهداف لرأس الهرم الامني ممثلة بأفي دختير واصابت مدير مكتبه لتؤكد وبشكل لا يدع مجال للشك بأننا أمام تهاوي مريع للمنظومة الامنية واحتراق صورتها الاسطورية الخرافية والتي زرعت في الوعي العربي لعقود طويلة .

فما حصل صباح أمس فاجىء كل المتابعين للصراع الفلسطيني الصهيوني , فكيف لوزير أمن داخلي تحاط زياراته بالكتمانية الكاملة وتتعرض المنطقة المستهدفة للزيارة لمسح عسكري وعمليات تمشيط ومراقبة طويلة ومكثفة وسلسلة من الاجراءت الاحترازية والوقائية أن يتعرض لعملية اغتيال كادت تودي بحياته وأصابت مدير مكتبه ؟؟ وكيف أمكن لهذه الفصائل التي نفذت الهجوم أن تمتلك معلومات تفيد بتواجد الوزير الصهيوني في المكان المستهدف ؟؟؟ وكيف أمكن للمهاجمين أن يصوروا الهجوم وعملية الاستهداف ؟؟؟

فما حصل صباح أمس يحمل في طياته مدلولات خطيرة أهمها بان المنظومة الامنية تم اختارقها مجددا ولكن هذه المرة على اعلى المستويات وبأن الاجراءات الاحترازية والوقائية لم تعد ذات جدوى تذكر وأن جهاز المخابرات الصهيوني لم يعد يعمل بمطلق الحرية في القطاع , كما ودللت على قوة الفصائل المهاجمة وتطورها المطرد والنوعي لدرجة باتت تصنع بها معادلة جديدة مفادها بأن الفوضى والمظاهرات العسكرية قد انتهت وبأن المعركة القادمة ستكون وراءها ارادات مخططة وليست المشاعر العفوية وحينها لن يكون أحد بمنأى عن الاكتواء بنارها وبالاخص رأس الهرم الصهيوني والذي لطالما كان حصينا ويعيش في برج عاجي يصعب اسقاطه , كما أن تصوير العملية يدلل على وجود استعداد تام وعلم مسبق والأمر الباعث على السخرية بأنهم أخذوا وقتا مريحا لعملية التصوير مما يعني غايب رد صهيوني حازم يحمي الوزير الصهيوني .

اما كون حماس أحد الاطراف المنفذة فهو ايضا يحمل دلالات كثيرة حول قدرات حماس العسكرية - وخاصة في مناطق تعتبر ساقطة عسكرية - والاستخبارية وكيف أمكن لها رغم حالة الحصار والاستنزاف المتكرر لقوتها ومحدودية امكاناتها من تنفيذ هذه العملية , وهذا باعتقادي سيفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة عنوانها السقوط الصهيوني واندثار اسطورة ديمومة تفوقه العسكري وحصانته الامنية واندثار الثقافة المفروضة على الوعي العربي بأن اسرائيل لاتقهر بفعل انها اصبحت تقف عاجزة أمام بقعة جغرافية لا ترى بالعين الدولية وحركات مقاومة ذات امكانات عسكرية محدودة وبدائية.

واخيرا ما زلت أذكر كتب التاريخ السياسي الصهيوني والتي كانت تطلع علينا بخطابات بن غورين ذات النبرة الواثقة بأن الامن الداخلي الصهيوني وخاصة بعد حرب 56 بات خط أحمرا يصعب اختراقه وأمرا يستحيل زعزعته , وكيف تحول هذا الخطاب لقانون طبيعي ونسق فكري يسيطر على العقلية الصهيونية ومؤسساتها السياسية والعسكرية واقتنعت بها العقلية العربية لعقود وللأسف بفعل انتصارات صهيونية مثيرة للسخرية على جيوش هشة وهزيلة , وكيف بددت حركات تمتلك مجاميع مسلحة وشبه قوات عسكرية اساطير وهرطقات عملت العقلية الصهيونية على زرعها كثقافة لكل الاجيال العربية والشرق اوسطية بشكل عام حتى تكرس سيطرتها وغطرستها اللامحدودة وتفرض املاءاتها وتصوراتها على المنطقة

ليست هناك تعليقات: